اخبار

الناجي الوحيد.. قصة رفيق الأشقاء الثلاثة في رحلتهم الأخيرة من سيناء إلى دمياط


07:59 م


الجمعة 22 أبريل 2022

كتب – حسام الدين أحمد:

ربما كان عاديًا أن يطلب منك أحدهم مرافقته في الطريق أو الرحلة، وربما تكون ممتنًا إن كان الطلب بهدف التخفيف عليك وإراحتك من عناء رحلة طويلة وشاقة، إلا أن الأمور قد تختلف كثيرًا حين تكون الرحلة هي الأخيرة لرفيقك وشقيقيه، كما حدث مع الشاب “محمود الكحلاوي” الذي شهد الدقائق الأخيرةى في حياة 3 أشقاء خلال رحلة العودة من جامعة سيناء.

“احنا هنسافر بالعربية يا محمود تعالى انزل معانا بدل ما تتبهدل في المواصلات الرحلة من هنا لدمياط صعبة”.. كلمات نطقها الشاب محمود أحمد عثمان، الطالب في الفرقة الرابعة بكلية طب الأسنان بجامعة، ليعرض على صديقه محمود الكحلاوي أن يرافقه في رحلة العودة مستقلين السيارة الخاصة بهم.

عرض الشاب جاء بعدما قرر العودة مع شقيقته آلاء التي تدرس بالفرقة الثانية بالكلية ذاتها، رفقة شقيقتهما “آية” المعيدة في كلية الصيدلة بجامعة الدلتا والتي جاءت إلى محافظة شمال سيناء، وقررت قضاء الأسبوع الثالث من شهر رمضان الكريم مع أشقائها في السكن الخاص بهم قرب جامعة سيناء.

استعد الشاب محمود الكحلاوي مصطفى، البالغ من العمر 20 عامًا، لمرافقة الأشقاء الثلاثة في رحلة العودة من سيناء، ليوفر مشقة السفر في المواصلات والوقت، بينما لم يكن يعلم حينها أن الرحلة ستكون الأخيرة لهم.

تنتهي الدراسة في جامعة سيناء يوم الأربعاء من كل أسبوع، جهزت أية وآلاء الإفطار وعاونهما محمود، جمعوا ما يلزم في حقائبهم، كانوا متعجلين للعودة لبيت الأسرة في مدينة دمياط الجديدة، تغرب الشمس على مدينة العريش قبل أي مكان في مصر فكانوا الأسبق في تناول الإفطار، ساعدهم ذلك على التحرك سريعا واختصار الوقت.

انطلق الأشقاء رفقة “محمود” بالسيارة، فقطعوا سيناء عرضا، سالكين طريق “العريش_ القنطرة شرق”، حتى دخلوا محافظة الإسماعيلية، كانوا في طريقهم إلى معدية القناة، إلا أن قدرهم الذي كتب قبل أن يولدوا انتهى هنا، فتعرضت السيارة لحادث عند قرية جلبانة التابعة لمركز القنطرة شرق لتسقط السيارة بمن فيها في ترعة الإسماعيلية.

دقائق وصلت سيارات الإسعاف إلى مكان الحادث، خلال ساعات الليل تمكن رجال الإسعاف والإنقاذ النهري من انتشال جثامين الأشقاء الثلاث بينما نجا رفيق السفر من الموت ونقله المسعفين إلى مستشفى القنطرة المركزي لتلقي العلاج.

لم تمر ساعة حتى انتشر الخبر، ووصل إلى والد الشهداء الثلاث، هكذا احتسبهم الأب وأهل القرية والله حسيبهم، غادر رفقة بعض أقاربه يتوكأ عليهم من هول الصدمة، قلبه تأكله نار الحزن، وعقله يحاول الهرب ويخيل إليه أنه سيجد في أحدهم الروح والحياة.

كان الحزن ممزوجا بالصدمة يكرس إحساس الفقد قد سرى في شوارع القرية مسقط رأس الأسرة، وسار في طرقات دمياط يطرق كل باب يوزع أهل البيت نصيبا من الحزن بقدر محبتهم للأشقاء الثلاث، يتشبث بعضهم بالصبر والآخرين انفلت رباط قلوبهم وعيونهم.

بينما كان والد الثلاثة ينهي الإجراءات المطلوبة لتسلم جثامين أبناءها الثلاث، كان مثواهم الأخير في مقابر القرية يبني بجوار مدافن العائلة، 3 عيون جديدة كانوا هم أول داخليها.

مشهد الجنازة كان مهيبا بقدر الحزن والصدمة، بين الدعاء بالرحمة للأشقاء، والصبر للأهل، كان بكاء عمرو الشقيق الأصغر يخترق الآذان “سبتوني لمين.. هعيش لوحدي ليه” يحاول الرجال من المشيعين كبح مشاعر الطفل، لكن خطين من الماء إنفجرا من عيونهم لجمت أفواههم فلا قدروا على تهدئته ولا جففوا دموعهم.

” نحتسبهم عند الله شهداء والله حسيبهم” يقول إسماعيل فريد من جيران الأسرة، يذكر أن الثلاثة كانوا متفوقين في دراستهم نابغين، توقع لهم أهل القرية أن يكونوا واجهة مشرفة لـ قرية ولمحافظة دمياط يوما ما.

أما الدكتور جمال عبد السميع أستاذ بجامعة المنصورة وأحد الجيران الأسرة، فيقول إن والد الثلاث تلقى الصدمة عقب صلاة التراويح أمس الأول الأربعاء، سافر إلى الإسماعيلية، استقبل جثماني آية ومحمود بعد انتشالهما من الماء، بينما خرج جثمان آلاء فجرا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى