اقتصاد

ما هو التمويل المستدام؟

إن التمويل المستدام هو عبارة عن عملية مراعاة المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة والمعروفة باسم (ESG) وذلك عند اتخاذ القرارات الاستثمارية بالقطاع المالي، وهو ما يؤدي لزيادة الاستثمارات الطويلة الأجل بالمشاريع والأنشطة الاقتصادية المُستدامة. ولقد أصبح التمويل المُستدام حركة قوية للغاية يقوم المستثمرون المؤسسيون والمنظمون ومديرو الأصول بقيادتها على مستوى عالمي.

ومع ذلك، فإن الاستدامة هي موضوع متطور ومعقد. ولقد كانت الوحدة الخاصة بالتمويل طويل الأجل بمجموعة البنك الدولي تتبني موضوع التمويل المُستدام على مُستوى العالم – وذلك عبر العمل التحليلي وتوفير البيانات والمساعدة الفنية وتصميم الأدوات لدعم المستثمرين والمنظمين.

إن التمويل المستدام يأتي حالياً على رأس جدول أعمال الكثير من الشركات والمجتمع الدولي ككُل، وسوف تزيد وتيرة ذلك في السنوات التالية. حيثُ أن التمويل المستدام هو عبارة عن تغيير ثقافي في العالم المالي والغير المالي، مع توفُر المُنتجات التي تقوم بتلبية حاجة كلا من المستهلكين والمستثمرين المهتمين بهذا الأمر بصورة متزايدة. في نهاية الأمر، فإن هذا التحول بالنموذج يجسد التزام راسخ بدعم المشاريع والتي تسهم في الانتقال إلى مُستقبل أكثر استدامة.

 

مفهوم التمويل المستدام

ولكن يبقي ذلك السؤال القائم “ما هي فكرة التمويل المستدام؟” بسبب أن هذا المفهوم جديد نسبيًا، فإنه لا يكون واضح للجميع دائمًا. يشير “التمويل المستدام” لقدرة المُنظمة على حشد الموارد الهامة لتمويل أنشطتها، ولكنها لا تضع المعايير المالية وحدها في الاعتبار، بل أيضًا تضع المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة نصب أعينها.

إننا اليوم نخوض تغيير حاسم. فلقد كانت القرارات يتم اتخاذها بشكل تقليدي بناء. على الاعتبارات المالية فقط، بينما يتم اليوم وضع الأمور البيئية والاجتماعية بعين الاعتبار لذلك فإننا نجد أن الكثير من المؤسسات المالية قد تحولت إلى التمويل المستدام فإذا نظرنا على سبيل المثال إلي تطبيق تداول الشهير للاستثمار سوف نجد الكثير من الشركات التي أصبحت تتبني التمويل المستدام، والتي تُعتبر مهمة للغاية بمجال التنمية المستدامة.

 

ما هي العوامل التي تجعل المنظمة مؤهلة للتمويل المستدام؟

لكي تكون المنظمة مؤهلة للاستفادة من هذه النوعية من التمويل، سوف يتوجب عليها الامتثال لمعايير استدامة مُعينة. ولكي تتأهل، يجب أن تصير المنظمة – سواء عامة أو خاصة – قادرة على أن تثبت أنها قد تبنت ونفذت مُمارسات بيئية واجتماعية قوية، وأنها تقوم بالعمل وفقًا لذلك. يمكننا أن نقول إن ذلك يتوقف على استعداد الشركات في التعامل مع عملية التحوُل المُستدام. إن الشركات التي تحصل على ذلك النوع من التمويلات تتمتع بشروط ملائمة، وهو ما يدل على كونها ملتزمة تجاه المجتمع والبيئة.

وذلك التمويل يمكن ان يأتي ايضاً على هيئة سندات أو قروض. لكن ما هي مواصفات المشاريع المؤهلة لتحصل على تمويل مُستدام؟ من وجهة النظر البيئية، فإن المشاريع الخضراء تهدف إلى تعزيز البُنى التحتية المُتجددة، بما في هذا النقل النظيف وكفاءة الطاقة.

 

التمويل المُستدام في الشرق الأوسط

إن الحكومات بالشرق الأوسط تحتاج لتقديم أطر عمل جديدة وأدوات لتسريع التمويل تجاه التحول الأخضر والمُستدام. يجب على دول الشرق الأوسط اعادة توجيه النظام المالي وذلك لتلبية المتطلبات الضخمة المطلوبة للتمويل بغرض تحقيق أهداف التنمية المُستدامة، حيثُ يجب حشد 230 مليار دولار سنويًا بالعالم العربي ليتم تحقيق أهداف التنمية المُستدامة للأمم المتحدة. إن هذه الفجوة الاستثمارية تؤكد على أهمية التغيير في هيكل النظام المالي وكذلك استخدام العديد من الآليات المالية لتجهيز التمويل لكل من القطاعين الخاص والعام نحو الاستثمارات المُستدامة.

 

دور الحكومات في التمويل المُستدام بالشرق الأوسط

تلعب الحكومات بالشرق الأوسط دور هام بتعبئة التمويل. بالرغم من أن مُعظم التمويل المطلوب لخفض البصمة الكربونية سوف يأتي من شركات القطاع الخاص، ولكن الحكومات تسعى لتشكيل الطرق والتي يمكن من خلالها تعبئة التمويل المستدام وتوجيهه. تعتبر الشركات الحكومية بالغة الأهمية فيما يخص اقتصادات الدول العربية وبصمتهم البيئية. حيث تتمتع صناديق الثروة السيادية بتفويضات قوية تسيطر عليها الحكومات. كما نجد أن الاستمرارية الطويلة الأمد للحكومات في الكثير من دول الشرق الأوسط تساعدها على اتخاذ القرارات الطويلة الأمد فيما يتعلق بتمويل الاستدامة والاستفادة منها.

إن التوصيات الإقليمية تستهدف المجالات التي سوف يتم فيها تحقيق التعاون لعائدات أقوى. ولكن يجب أن يتم تعديل للبيئة التمكينية وذلك لمواءمة التمويل بصورة أفضل مع وجود أهداف الاستدامة الطويلة الأجل.

 

فعالية تمويل التنمية المُستدامة

إن تمويل التنمية المُستدامة فعال للغاية من حيثُ التكلفة، وهو غني بالوظائف أيضاً، ويتوافق مع المناخ، والدلائل تشير أن الاستثمار بأهداف التنمية المُستدامة هو أمر منطقي، ومع وجود تقديرات تقوم بتسليط الضوء على تحقيق الأهداف المرجوة من التنمية المستدامة والتي من شأنها أن تزيد من فرص السوق وتخلق الكثير من الوظائف الجديدة، وكل هذه التعديلات التي تتم بخصوص تغير المناخ سوف يكون من شأنها أن تؤدي لتوفير ما يقرب من 26 تريليون دولار وذلك بحلول 2030.

 

إن تقرير الاقتصاد المُناخي الجديد قد اكتشف أن الإجراءات الجريئة التي تهدف إلى الانتقال لاقتصاد مُستدام ومنخفض الكربون من شأنه أن يؤدي لمكاسب اقتصادية مباشرة. أيضاً قد يساعد ذلك الإجراء في تجنُب ما يزيد عن 700000 من حالات الوفاة مبكرة والتي تحدث نتيجة لتلوث الهواء. إن تسعير الكربون وإصلاح الدعم من شأنهما أن يقوموا وحدهما بزيادة إيرادات الحكومة السنوية حتى عام 2030.

إن الاستثمارات المستدامة والمتعلقة بالمناخ تتمحور في ستة أقسام رئيسية وهي (النفايات والنقل العام والمياه والطاقة المُتجددة والمباني الخضراء والمركبات الكهربائية. وهذا يعني أنه بدون التمويل المستدام سوف يواجه العالم سيناريوهات سيئة للغاية من تلوث واهلاك للبنية التحتية وضياع لفرص العمل وغير ذلك.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى