اخبار

نكتة  قلبت البلد وسرقة العصر لم تحرك ساكنا.. ضجة في لبنان

في وقت يشهد اللبنانيون على فشل أركان السلطة في تأمين أبسط حقوقهم الحياتة من كهرباء ومياه، وعرقلة مسيرة الاصلاح السياسي والاقتصادي في بلد يشهد أسوأ أزمة مالية في تاريخه الحديث، تتجنّد بعض السلطات السياسية والامنية والقضائية لإسكات المواطنين وقمع حرية الرأي والتعبير بحجّة المسّ بمقدسّات دينية واخلاقية.

ففي الاونة الاخيرة، شهد لبنان هجمة غير مسبوقة تستهدف الحريات العامة والخاصة طالت ناشطين وممثلين بغطاء ديني وثقافي.

توقيف ممثل كوميدي ومنع “باربي”

فمنذ يومين أوقفت الأجهزة الامنية الممثل الكوميدي نور حجار بإشارة من مدّعي عام التمييز القاضي غسان عويدات على خلفية إخبارين مقدّمين ضده من دار الفتوى بحجة الاستهزاء بالمقدسات و”تعكير الصفاء بين عناصر الأمة”.

وقبل ذلك أوقف وزير الثقافة عرض فيلم باربي في صالات السينما بحجّة أنه يتعارض مع القيم الأخلاقية والإيمانية.

وتزامن توقيف الممثل الكوميدي مع قرار القضاء وقف محاكمة حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة الذي يحمّله اللبنانيون مسؤولية هدر أموالهم وجنى اعمارهم بالتواطؤ مع السلطة السياسية، علماً أنه تم إصدار مذكرتي توقيف دوليتين بحقه.

فيما تفاعل اللبنانيون مع هاتين القضيتين عبر مواقع التواصل الاجتماعي، حيث وصفوا ما يجري بـ”المشهد السوريالي”، متسائلين كيف تلاحق السلطة من يسخر من الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية المتردية، في حين أن من تسبب بها يتنعّم بالحرية من دون أي محاسبة، وأن المسؤولين عن إنفجار مرفأ بيروت يمارسون اعمالهم بشكل طبيعي ومنهم نواب ووزراء ومسؤولين امنيين حاليين وسابقين.

إلهاء للبنانيين

من جهتها اعتبرت استاذة علم النفس الاجتماعي، الدكتورة منى فياض “ان ما قام به أركان السلطة في الفترة الاخيرة من تضييق على الحريات هدفه إلهاء اللبنانيين عن أمور اساسية اخرى لها علاقة بأبسط حقوقهم، وبالتالي فرزهم لقسمين بين مؤيّد لهذه الحريات ومعارض لها بوقت يجب أن تتوحّد المعارضة ضد السلطة القائمة”.

كما رأت في تصريح لـ”العربية.نت” “ان ما يحصل في موضوع الحريات “بروباغندا” من إنتاج السلطة القائمة لحرف الانظار عن أمور اساسية في البلد كإستحقاق إنتخاب رئيس الجمهورية وإعادة أموال الموعدين ومحاسبة المسؤولين عن إنفجار مرفأ بيروت وتأمين الكهرباء والماء”.

إثارة النعرات الطائفية

وأشارت الى “ان السلطة تستسهل إثارة النعرات الطائفية وتقليب الناس على بعضها البعض خوفاً من أن ينتفضوا ضدها، لاسيما ان اللبنانيين يدركون أن معارضة هذه السلطة عبر الشارع كلفتها كبيرة على حياتهم، وما حصل خلال إنتفاضة 17 أوكتوبر من قمع وإستخدام القوّة بحق المتظاهرين كان خير دليل”.

كما اضافت قائلة “منذ سنوات واللبنانيون يعانون من غياب ابسط مقوّمات الحياة اللائقة في بلدهم، لذلك تلجأ أركان السلطة الى لعبة إثارة الغرائز الدينية لحجب الانظار عن إرتكاباتها”.

iStock (تعبيرية من آيستوك)

مهزلة ونهب للثروات

وتحدّثت عمّا سمّته “مهزلة” في الملف القضائي لحاكم المصرف المركزي السابق رياض سلامة، وكيف يدّعون حماية الديموقراطية في وقت يواصلون نهب ثروات البلد ومقدّراته”.

بدوره، اعتبر المسؤول الاعلامي في “مركز الدفاع عن الحريات الاعلامية والثقافية” (سكايز) جاد شحرور “ان ما حصل في السنوات الاخيرة يؤكد أن هناك نهجاً بوليسياً قمعياً في البلد سواء بتطبيق القوانين الخاصة بحرية التعبير او الانتهاكات الثقافية”.

وقال لـ”العربية.نت” “ما حصل مع نور حجار وطريقة إقتياده للتحقيق أمام مدّعي عام التمييز القاضي غسان عويدات، وما حصل سابقاً مع صحافيين في وقت سابق يذكّرنا بالنظام الامني الذي كان قائماً قبل العام 2005، وهذا يؤكد أن السلطة تريد “إتّهام” المجتمع المدني بما يحصل وحرف الانظار عن إرتكاباتها”.

رياض سلامة (فرانس برس)

رياض سلامة (فرانس برس)

يريدون إسكاتنا في بيوتنا

وأضاف “يريدون إسكاتنا حتى داخل بيوتنا وفرض علينا ما يجب أن نشاهده من افلام وما يجب حظره. قد لا استطيع اقتحام مصرف لإسترداد أموالي المنهوبة، لكن لا يُمكن قمعي داخل منزلي وفرض عليّ ما يجب قوله ومشاهدته”.

وسأل “أين هو مدّعي عام التمييز من ملف التحقيقات في مرفأ بيروت؟ غريب كيف تحرّك بسرعة في قضية الممثل نور حجار ولم يقم بواجباته في ملف المرفأ المُعطّل منذ أشهر”؟

إلا أنه أوضح “ان غياب التظاهرات في لبنان ضد السلطة لا يعني ان الناس إستسلمت، لكن ظروف اللبنانيين تبدّلت، لاسيما أن أزمة الدولار وما رافقها من إرتفاع جنوني بأسعار معظم السلع ساهم الى حدّ كبير في تراجع التظاهرات في الشارع”.
وقال “من الجيّد أن الشعب تحرّك ضد محاولات قمع حرية التعبير حتى لو أنه لم يقم بما يلزم مثلاً في موضوع حجز أمواله في المصارف ونهبها من قبل السلطتينن السياسية والمصرفية”.

مرفأ بيروت (رويترز)

مرفأ بيروت (رويترز)

القضاء لتطويع اللبنانيين

بدورها، قالت المحامية والحقوقية ديالا شحادة لـ”العربية.نت” “يبدو انه بعد عام من هدوء الشارع اللبناني والانتفاضة المطالبة بالتغيير والمحاسبة للفاسدين والمجرمين، لجأت المنظومة الى استخدام القضاء من اجل تطويع اللبنانيين وتقييد حرية الرأي والتعبير لديهم”.

وأشارت الى وجود “عشرات الملاحقات في الاشهر الاخيرة بحق صحافيين وناشطين حقوقيين بجرائم متعددة”.

كما رأت “انه كان يُمكن تفهّم هذه الملاحقات لو تمّت وفق القوانين، لكن عندما يتم احتجاز الموقوفين بطريقة غير قانونية تستمر لأكثر من عشر ساعات او توقيف واعتراض صحافيين في الطريق من قبل اجهزة امنية، فهذا يؤكد أن هناك ترهيب وتعسّف بإستخدام القانون”.

المطاوعون الجدد

إلى ذلك، اعتبرت “أن أخطر ما يجري اليوم انه يتزامن مع صعود ما وصفته بالـ “مطاوعين” الجدد مثل “جنود الرب” و”جنود الفيحاء” يقومون بأعمال معيّنة بحجّة “حماية” الاخلاق العامة من أن دون أن تتدخّل الاجهزة الامنية في ردعهم، وسبق ظهور هؤلاء في خطاب لزعماء سياسيين مثل زعيم حزب الله حسن نصرالله حيث هدد بالقتل بحجّة حماية الاخلاق العامة”. وقالت “ان البلد ذاهب في اتّجاه مرحلة جديدة عنوانها “تطويع الناس” ومحاولة اخذ حرية الرأي والتعبير منهم بعدما استخدموها في انتفاضة 2019، سواء بالقانون من خلال استدعاءات لصحافيين وناشطين للقضاء او من خلال “المطاوعين” الجدد”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى