اخبار
أخر الأخبار

أوروبا تكافح للتعامل مع أزمة الطاقة الحالية، فما هي البدائل الروسية؟

تعد أزمة الطاقة الحالية في أوروبا هي الأسوأ منذ أزمة النفط عام 1973، حيث شهدت أسعار الغاز الطبيعي ارتفاعًا بأعلى بثلاث مرات تقريبًا مقارنة بالأسعار قبل الحرب الروسية الأوكرانية، وتهدد تلك الأزمة الناتجة عن الحرب بحدوث ركود اقتصادي عميق في أوروبا، حيث تضغط أزمة الطاقة على الموارد المالية للناس العاديين، وفي غضون أسابيع قليلة يمكن أن تتصاعد الأزمة متمثلة في قطع التيار الكهربائي وغلق المصانع، بالفعل يقول العديد من الاقتصاديين إن الركود في الطريق.

والسبب في ذلك توقف الامدادات الروسية من الغاز الطبيعي ذو التكلفة الرخيصة التي كانت أوروبا تعتمد عليه بشكل أساسي لسنوات من أجل تشغيل مصانعها وتوليد الكهرباء والتدفئة، وقد دفع ذلك الحكومات الأوروبية إلى الاندفاع اليائس من أجل الحصول على إمدادات جديدة والسعي لإيجاد طرق لتقليص التأثير على النمو الاقتصادي المتباطئ وفواتير المرافق المنزلية التي تشهد ارتفاعات قياسية.

هل قطعت روسيا الغاز عن أوروبا؟

تفاقمت الأزمة عندما قالت شركة “غازبروم” الروسية المملوكة للدولة أن خط الأنابيب الرئيسي الموصل إلى ألمانيا سيظل مغلق، وأعاذت ذلك إلى حدوث تسرب للنفط بسبب صيانة التوربينات وقالت أنه ليس هناك حلًا لتلك المشكلات نظرًا للعقوبات التي منعت الكثيرين من التعامل مع روسيا.

وقال مسؤولون أوروبيون إن اغلاق نورد ستريم 1 ما هو إلا ورقة ضغط لتضييق الخناق على الاتحاد الأوروبي وتقسيمه انتقاما لدعم أوكرانيا في مواجهة الغزو الروسي، ومع خروج خط أنابيب نورد ستريم 1 عن ضخ الانتاج  فإن الامدادات الروسية من الغاز تكون قد انخفضت بنحو 89% مقارنة بالعام الماضي.

ولكن لا يزال هناك بعض الامدادات الروسية التي تتدفق إلى أوروبا من خلال خطي أنابيب، الأول يأتي من أوكرانيا إلى دولة سلوفاكيا، والثاني يمتد في البحر الأسود ليصل تركيا ومن ثم إلى دولة بلغاريا التي تعتبر عضو في الاتحاد الأوروبي.

في الحقيقة لم تكن الحرب الروسية الأوكرانية هي السبب الرئيسي في ارتفاع أسعار تداول الغاز الطبيعي حيث أن روسيا قلصت من امدادات الغاز لأوروبا منذ صيف 2021 أي قبل اشتعال الحرب في أوكرانيا، وقد نتج عن ذلك بالفعل إلى ارتفاع الأسعار، ثم قامت شركة غازبروم بقطع الامداد عن عدد من الدول الأوروبية مما أدى إلى ارتفاع التكاليف.

بالنظر إلى تقليص روسيا البطيء للإمدادات منذ الصيف الماضي، يقول المسؤولون إن أوروبا بحاجة إلى أن تكون جاهزة للتخلص من الغاز الروسي هذا الشتاء.

ما سبب أهمية الغاز الروسي؟

لعقود من الزمن اعتمدت أوروبا على روسيا للحصول على الغاز الرخيص، بدونها تهدد أسعار الغاز المرتفعة بحدوث ركود اقتصادي خلال الفترة القادمة في ظل مستويات التضخم القياسية، ويمكن أن يوجه قطع كامل للغاز الروسي ضربة أقوى للاقتصاد المضطرب بالفعل.

إلى جانب تدفئة المنازل وتوليد الكهرباء، يتم استخدام الغاز لإطلاق مجموعة من العمليات الصناعية التي لا يفكر فيها معظم الناس كثيرًا، مثل صناعة الفولاذ الذي يستخدم في صناعة السيارات وصنع الزجاجات وبسترة الحليب والجبن.

تحذر الشركات من أنها لا تستطيع في كثير من الأحيان التبديل بين عشية وضحاها إلى مصادر طاقة أخرى مثل زيت الوقود أو الكهرباء لإنتاج الحرارة، وبينما يبحث الجميع عن إمدادات بديلة، ارتفعت أسعار زيت الوقود والفحم أيضًا.

في بعض الحالات، يتم تدمير المعدات التي تحتوي على معدن أو زجاج مصهور إذا تم إيقاف تشغيل الحرارة، وعلى المدى الطويل قد تتخلى الشركات كثيفة الاستهلاك للطاقة ببساطة عن أوروبا.

هل المشكلة تتعلق فقط بارتفاع أسعار الغاز الطبيعي؟

لا، حيث ارتفعت أيضًا أسعار الكهرباء بشكل كبير لأن الغاز هو وقود رئيسي لتوليد الطاقة، ومما زاد الطين بلة، يوجد تأخر في مصادر الطاقة الأخرى لأسباب لا علاقة لها بروسيا، حيث قوض الجفاف الطاقة الكهرومائية التي تأتي من الأنهار والخزانات، كما أن الأسطول الفرنسي المكون من 56 محطة للطاقة النووية يعمل بنصف طاقته بسبب الإغلاق الناتج عن مشاكل التآكل في الأنابيب الرئيسية والإصلاحات والتحديثات وفحوصات السلامة، وقد أدت موجة الحر إلى الحد من استخدام مياه النهر لتبريد محطات توليد الطاقة وانخفاض مستويات المياه على نهر الراين في ألمانيا مما أدى إلى انخفاض إمدادات الفحم للمولدات.

ما الذي تفعله أوروبا لتخفيف الأزمة؟

قامت أوروبا بتجميع جميع إمدادات الغاز البديلة التي يمكنها على سبيل المثال: هناك المزيد من الغاز الطبيعي المسال الذي يأتي من الولايات المتحدة عن طريق السفن، العمل على زيادة ضخ الغاز الذي يأتي من خطوط الأنابيب في النرويج وأذربيجان، كما أن ألمانيا لا تزال تحتفظ بمحطات الفحم التي تعمل بالفحم والتي كانت ستغلقها للحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري.

وافق الاتحاد الأوروبي المكون من 27 دولة على خطة لخفض استخدام الغاز بنسبة 15% بحلول مارس المقبل، وهي النسبة الذي يقول الخبراء إنه سيحتاج تقريبًا لتعويض خسارة الغاز الروسي.

ألغت الحكومات الوطنية المرافق التي اضطرت إلى دفع أسعار باهظة للغاز الروسي ووزعت الأموال على الأسر المتضررة بشدة، تقوم المباني العامة بضبط منظمات الحرارة وإطفاء الأنوار لتوفير الطاقة.

الآن، يقول مسؤولو الاتحاد الأوروبي إن الوقت قد حان للتدخل في أسواق الطاقة التي كسرها الرئيس الروسي “فلاديمير بوتين”، اقترح الاتحاد الأوروبي وضع حد أقصى لسعر واردات الغاز الروسي للحد من تضخم الطاقة المؤلم وتقليل كمية الأموال المتدفقة من أوروبا إلى صندوق الحرب الروسي.

ولعل من أهم الأمور التي قام بها الاتحاد الأوروبي على المدى القصير هو أن أوروبا تمكنت وصول مخزونات الطاقة إلى 83% لفصل الشتاء وذلك بسبب الغاز الطبيعي المسال وتراجع معدلات الاستهلاك الناتجة عن ارتفاع الأسعار.

استمرت مستويات التخزين في الارتفاع حتى بعد قطع نورد ستريم 1، مما زاد الآمال في أن تتمكن أوروبا من الصمود في وجه العاصفة، وقد انخفضت أسعار الغاز إلى مستوى ما قبل القطع على الرغم من أنها لا تزال مرتفعة بشكل مؤلم.

تأثير الطقس الشتوي على أسعار الغاز

إن العوامل الجيوسياسية بما في ذلك الصراع في أوكرانيا ووقف إمدادات الغاز الروسي إلى أوروبا تعمل على تعطيل سوق الغاز الطبيعي وستستمر بلا شك في التأثير على الاتجاهات الموسمية.

في حالة وجود شتاء قارس بشكل خاص في أوروبا على سبيل المثال، اقترح العديد من محللي الطاقة أن احتياطيات الغاز الأوروبية التي تعمل حاليًا بحوالي 80% من طاقتها قد تنضب بحلول مارس / أبريل، يمكن أن تؤدي هذه الفرضية إلى زيادة الطلب على واردات الغاز من الولايات المتحدة، الأمر الذي من شأنه أن يضع ضغطًا تصاعديًا كبيرًا على أسعار الغاز الطبيعي المحلي في الولايات المتحدة، على الرغم من حقيقة أنها تظهر اتجاهًا تاريخيًا سلبيًا خلال أشهر الشتاء.

آسيا وأوروبا تتنافس على الغاز الطبيعي المسال قبل حلول فصل الشتاء

تشترك اليابان وكوريا الجنوبية والصين في نفس موسم ذروة الطلب على التدفئة مع أوروبا، وكلها تقع في نصف الكرة الشمالي، مما يعني أنها تتنافس أيضًا على الغاز الطبيعي والفحم للبقاء دافئين هذا الشتاء.

كانت آسيا عرضة لارتفاع أسعار الطاقة، وستواجه الآن مزيدًا من الرياح المعاكسة في تأمين إمدادات الطاقة مع اشتداد حروب العطاءات مع أوروبا، كما أن النقص في إمدادات الطاقة يزيد من مخاطر انقطاع الكهرباء وتوقف التصنيع مما يساهم في زيادة تقلبات السوق.

وصلت أسعار الغاز الطبيعي المسال في آسيا خلال صيف 2022 إلى أعلى مستوى لها على الإطلاق، حوالي سبعة أضعاف متوسط ​​السعر في 2017-2021، علاوة على ذلك، فإن أي انخفاضات مطولة في درجات الحرارة في الأشهر المقبلة ستؤدي بلا شك إلى مزيد من المشاجرة على الغاز مما قد يتسبب في ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي مرة أخرى.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى