اخبار

السكر والعسل والمر في معركة قصب المنيا.. من المسؤول؟ (صور)


11:10 م


الإثنين 15 يناير 2024

المنيا- جمال محمد:

تساؤلات عدة باتت تدور في أذهان المزارعين وأصحاب عصارات العسل الأسود وأصحاب محال العصائر في محافظة المنيا، بعد الأزمة التي شهدتها مصانع سكر أبو قرقاص هذا العام، للمرة الأولى في تاريخ الصرح الصناعي الكبير، بعدما عزف المزارعون عن توريد المحصول واتجهوا لتجار العوادي، الذين يوردون المحصول لأصحاب عصارات العسل الأسود ومحلات العصير في مختلف المراكز، وهو أمر ينظر إليه المواطن البسيط من زاوية: أي ارتفاع جديد سيلحق بسعر كيلو السكر.

من المسؤول عن الأزمة؟

“مصراوي” استطلع رأي عدد من المعنيين بالأمر في المحافظة، فقال محمد حسين، منسق اتحاد الفلاحين السابق بالمنيا، إن الأزمة كاملة تتحملها شركة السكر، بدءًا من تهميش التعامل مع المزارع بالتعاون مع مديرية الزراعة لتحسين سلالات القصب، وصولًا للسعر الضعيف الذي تم تحديده هذا العام، معتقدين أن زيادة الـ500 جنيه للطن عن العام الماضي كافية للمزارع الذي يتكبد الكثير في زراعة محصول يبقى طوال عام كامل في أرضه دون أن يتمكن من زراعة محصول غيره.

لماذا تراجعت مساحة محصول القصب؟

يؤكد “حسين” أن مساحة محصول القصب المنزرعة في المحافظة باتت كارثية، ووصلت هذا العام إلى 31 ألف فدان فقط بعدما كانت تتخطى من 20 و25 عامًا الـ75 ألف فدان.

ويضيف: “الجميع كان يزرع المحصول بمنتهى الأريحة، ولكن عندما نعاني من غلاء الكيماوي وعدم حصولنا على كمياتنا المخصصة من الجمعيات بشكل كامل، وارتفاع سعر الأيدي العاملة، وكذلك استخدام سلالات (س 9) التي عفى عليها الزمان منذ 3 عقود وحتى الآن، فلا تسأل عن أسباب تراجع المحصول”.

وفق منسق اتحاد الفلاحين السابق بالمنيا، فإن الإنتاج الحالي لا يتخطى 45 طنًا للفدان، معلقًا بأنه في ظل هذا الوضع يصبح منطقيًا أن يلجأ المزارع إلى التاجر الذي يدفع أكثر في محصوله في مقابل السعر المتدني من شركة السكر.

“أكثر من نصف مزارعي القصب القدامى توجهوا في الأعوام الأخيرة إلى زراعة البطاطا والفول الصويا والحمص وبعض النباتات العطرية كالراوية واليانسون، إذ تأخذ الدورة الزراعية لكل منها فترة زمنية قصيرة وتحقق مكاسب أكبر للمزارع. الكل الآن يفعل هذا، خاصة المستأجرين الذين لا يمكنهم تحمل أية خسائر في ظل الغلاء الكبير التي تعاني منه كل القطاعات”؛ يقول منسق اتحاد الفلاحين السابق.

العسل الأسود.. إقبال قد يضر الإنتاج

العسل الأسود هو من الصناعات الوطنية التي يشتهر بها أبناء الصعيد عمومًا ومحافظة المنيا ومركزي ملوي وديرمواس على وجه الخصوص، حيث يعمل آلاف الشباب في عصّارات القصب التي تحول الخام إلى منتج للعسل، يتم طرحه بالسوق الداخلية والخارجية، ويحقق أرباحًا جيدة.

ووفق المزارعين، فإن كل 100 كيلو قصب تنتج قرابة 10 كيلو عسل أسود، وكل عصّارة يعمل فيها على الأقل من 15 إلى 20 شابًا، إلا أن هؤلاء قد يواجهون أزمة الآن من زيادة المعروض من القصب على عصّارات العسل، وفق منسق اتحاد الفلاحين السابق محمد حسين، الذي يوضح: “تخيل أن معظم المزارعين الآن يتجهون إلى بيع محصولهم لعصّارات العسل. لو استمر هذا الوضع سينتج المزيد من العسل في الأسواق ومن ثم ينخفض السعر فتتأثر هذه الصناعة بكثرة المعروض”.

ارتفاع أسعار السكر بالأسواق لضُعف الإنتاجية

حاتم رسلان، أحد أبناء المنيا المشاركين في لجنة الزراعة بالحوار الوطني وسكرتير عام مساعد حزب الوفد، يقول لـ “مصراوي”، إنه من المؤسف توريد القصب من مصنع أبو قرقاص إلى مصانع جرجا بسبب تضاؤل الكمية الموردة إلى المصنع من 6 إلى 10 آلاف طن والتي لا تكفي الآن لتشغيله، ليصدر قرار بنقل هذه الكمية إلى مصانع جرجا.

في تصريحاته، قال اللواء عصام البديوي رئيس مجلس إدارة شركة السكر والصناعات التكاملية، بمصنع السكر بأبو قرقاص، إن إدارة الشركة فوجئت هذا العام بانخفاض كمية المحصول بشكل كبير.

وأشار رئيس الشركة إلى أن محافظة المنيا كانت تنتج 950 ألف طن من القصب، إضافة إلى أن المصنع كان يستقبل 750 ألف طن حتى 2020، بينما في العام الماضي وصلنا 90 ألف طن وحققنا 112 مليون جنيه. ورغم حثنا للمزارعين بزيادة حجم القصب المورد إلى المصنع، لكن للأسف انخفضت كمية القصب المورد للمصنع إلى ما يقل عن 10 آلاف طن.

وهو ما يستنكره “رسلان” الذي يعلق بأن “السيد المسؤول لم يذكر أن السبب الحقيقي هو مجلس الإدارة الذي لم يضع سعرًا عادلًا لشراء المحصول من الفلاح في ظل ارتفاع تكاليف الإنتاج، وتعامل معه من منطلق الإذعان والإجبار فحدد سعر التوريد بـ 1500 جنيه للطن، في حين أن سعر السوق الأخرى 2500 جنيه، والأخطر أن الشركة لم تتدارك ذلك سريعًا وقت علمها واقعيًا بامتناع الفلاحين عن التوريد بهذا السعر، وترفع سعر التوريد، وكأنها لا تعلم أن سعر كيلو السكر وصل إلى 50 جنيهًا للمستهلك، الأمر الذي يهدد إنتاج قرابة 40 ألف طن سكر قصب السكر من مصانع أبو قرقاص”، وفق سكرتير عام مساعد حزب الوفد.

ويطالب “رسلان”بمسائلة كل من شارك في الوصول بهذا المصنع إلى هذه النتيجة، التي ستكون تبعاتها خطيرة، على حد قوله.

الأزمة تصل إلى مجلس النواب

وقد وصف النائب محمد مصطفى عضو مجلس النواب عن دائرة مركز ملوي وعضو لجنة الإدارة المحلية، ما حدث هذا الموسم بالكارثة، مشيرًا في تصريحاته لمصراوي، إلى أنه سيتقدم بطلب إحاطة لوزير التموين فيما يخص أزمة توقف مصنع أبو قرقاص.

ويضيف عضو مجلس النواب، لـ”مصراوي”: “كلنا مزارعون قصب وأنا واحد منهم، وسبق وأن تحدثت مع اللواء عصام البديوي رئيس الشركة التكاملية للسكر لزيادة السعر ولم تتم الاستجابة لنا. هذا أمر مؤسف، خاصة إذا كانت تكلفة زراعة فدان القصب تتخطى 30 ألف جنيه على المزارع، في محصول يبقى معه العام كاملًا يتولى ريه ورعايته، ليجد في النهاية سعر الشركة لشراء إنتاجيته لا يتجاوز 60 ألف جنيه، في حين سعر التاجر الآخر 100 ألف جنيه وقد تزيد”.

وشهدت مصانع سكر أبو قرقاص بمحافظة المنيا لأول مرة منذ إنشائها توقفًا تامًا عن إنتاج السكر من القصب نتيجة ضعف توريد المحصول للمصانع هذا العام، والذي تراجع من 300 ألف طن إلى أقل من 10 آلاف طن، ليتم تحويل الكميات إلى مصانع جرجا بسوهاج، بعدما توجه المزارعون لبيع محصولهم للتجار مستفيدين بفارق السعر الكبير بين الطرفين، الأمر الذي يهدد عملية إنتاج السكر المحلي في الموسم الجديد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى