اقتصاد

فورة عمليات البناء في دبي تشتعل.. والأثرياء يرفعون سقف الطلب

دخلت دبي في دورة بناء جديدة، متوقع أن تكون الأقوى منذ عام 2017، إذ تشير أشعة الليزر المرتفعة في سماء “جزيرة نخلة جميرا”، إلى بدء أحدث مشروع بناء ضخم – بارتفاع 71 طابقاً وبها 76 بنتهاوس، سيكون “كومو ريزيدنسز” أعلى مبنى في الأرخبيل – حيث يبلغ سعر الوحدة الأرخص 21 مليون درهم (5.7 مليون دولار).

وعلى بعد مسافة قصيرة بالسيارة من الطريق السريع الرئيسي في المدينة، بدأ رجل الأعمال الإماراتي خلف أحمد الحبتور العمل في مجمع سكني سيضيف أكثر من 1700 منزل في مشروع واحد. وهو اتجاه يشير إلى أن البناة في الإمارة أداروا محركاتهم بقوة لمواجهة الطلب المتزايد.

يأتي ذلك، فيما اشتهرت دبي منذ فترة طويلة بفترات الازدهار والانهيار الحاد، وشهدت واحدة من أكثر فترات الانكماش دراماتيكية في عام 2008، عندما غذى انهيار عقاري بسبب ديون بعض أكبر مطوريها والتي كانت على وشك الإفلاس. ولكن في عام 2011 انتعش السوق مرة أخرى، إلا أنه سرعان ما تحول في عام 2014 حيث أدى انهيار أسعار النفط إلى دخول سوق العقارات السكنية في ركود استمر 7 سنوات.

هذه المرة بدا أن المطورين العقاريين، أكثر تحوطاً من رهاناتهم السابقة، إذ يطالبون بمدفوعات مقدمة تغطي معظم السعر حتى قبل بدء البناء. ويظهر السبب واضحاً، بعدما استطاعت دبي الصعود للمرتبة الثانية عالمياً كأكثر المدن جذباً للمليونيرات، ما يمنح سوق العقارات في الإمارة وسادة كبيرة ويقلل من الحاجة إلى الديون – لكنه يترك المشترين أيضاً يتحملون قدراً أكبر من المخاطر.

ويتعين على المشترين في “كومو ريزيدنسز”، دفع 80% من القيمة قبل اكتمال العقار في منتصف عام 2027، وفقاً لإعلان الشركة.

من جانبها، قالت رئيسة قسم الأبحاث والاستشارات في شركة العقارات “Core”، براتيوشا غورابو، “يستفيد المطورون من الطلب المتزايد مع الارتفاع الحاد في أحجام إطلاق المشاريع”. “من خلال جمع الأموال من المشترين في مرحلة ما قبل البيع، يكون المطورون عادةً قادرين على تمويل جزء كبير من أعمال البناء، مما يجعل المخاطر المالية أقل مما كانت عليه في السنوات السابقة”.

وتتوقع غورابو أن ترتفع أسعار العقارات السكنية بنسبة 10% إلى 12% هذا العام، وفقاً لما ذكرته لوكالة “بلومبرغ”، واطلعت عليه “العربية.نت”.

مخاوف بشأن القدرات

ومع ذلك، قالت غورابو إن هناك مخاطر أخرى، مثل المشاكل المحتملة في سلسلة توريد البناء التي يمكن أن تؤخر استكمال المشاريع حتى بعد أن يدفع المشترون. وهناك قلق آخر يتعلق بقدرة المقاولين على تنفيذ العمل لأنهم يأخذون المزيد من المشاريع في وقت قام فيه الكثيرون بتقليص طاقتهم بعد سنوات من تراجع السوق.

وعلى الصعيد العالمي، من المتوقع أن تضرب أسعار الفائدة المرتفعة والتباطؤ الاقتصادي أعمال البناء في أجزاء كثيرة من العالم، حيث تعاني بعض الأسواق مثل المملكة المتحدة والصين بشدة. ومع ذلك، أدى تدفق الوافدين وتدفق الروس الذين يتطلعون إلى حماية ثرواتهم بعد غزو أوكرانيا إلى ارتفاع أسعار العقارات في دبي بنسبة 15% خلال العام الماضي وغذى طفرة البناء الأخيرة.

وحتى الآن من هذا العام، تم إطلاق 24658 منزلاً في دبي، بزيادة حوالي 37% عن تلك التي تم إطلاقها خلال نفس الفترة من عام 2022، وفقاً لشركة “Core”. كما تم تسجيل حوالي 28900 معاملة بيع على المخطط لوحدات سكنية منذ بداية عام 2023، وهو أكبر رقم لنفس الفترة منذ عام 2009.

ويقر المحللون والمطورون بالمخاطر. حيث قال محمد العبار، مؤسس شركة “إعمار العقارية”، التي بنت أطول ناطحة سحاب في العالم، إنه لا ينبغي نسيان دروس الماضي في الازدهار الحالي.

وقال: “الخطر الكبير هو أن الأعمال العقارية تمر بدورات، صعوداً وهبوطاً”. “عليك أن تحافظ على القليل من الديون وأن يكون لديك سيولة معقولة، لذا حتى لو تباطأ السوق، فإن الميزانية العمومية والوضع النقدي سيمكننا من إنهاء مشاريعنا”.

المزيد من المخاطر

في هذه الأيام، أصبح المشترون أكثر استعداداً للمخاطرة بتقديم دفعات أولى أكبر لأن الحكومة أدخلت عدداً كبيراً من الإصلاحات.

يجب على شركات العقارات دفع التكلفة الكاملة للأرض قبل أن يُسمح لها بالبيع قبل البناء. كما يجب إيداع الأموال المحصلة من المشترين في حسابات الضمان الحكومية مع صرف الأموال لتكاليف البناء الأساسية.

وتمتلك “إعمار” نصيب الأسد في بناء المنازل الجديدة. تليها “داماك العقارية”، و”عزيزي للتطوير” وفقاً لترتيب العام الماضي. وخلال الربع الأول، نمت مبيعات إعمار بنسبة 25.8% عن العام السابق.

وكشفت “إعمار” هذا الشهر عن إطلاق مشروع الواجهة البحرية الفاخر بقيمة 20 مليار دولار والذي سيضم أكثر من 7000 وحدة سكنية مع قصور وفيلات كبيرة بشكل أساسي.

ومع ذلك، قال العبار إنه يبقي نظرة متشددة على مدفوعات العملاء. قال: “تم بيع كل شيء الآن والتحصيل قوي بشكل لا يصدق”. “لكن هل هؤلاء الناس سيدفعون أقساطهم في موعدها بعد ستة أشهر من الآن أو بعد عام؟ هذا أمر بالغ الأهمية وعلينا جميعاً أن نكون حذرين”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى